السواركة اختاروا19 شيخا.. والمجلس النهائي للقبائل20 ينايرقبائل سيناء تواجه الانفلات بـ الانتخابات
تحقيق: عبدالرحمن سعد
تسابق قبائل سيناء(400 ألف نسمة) الزمن حاليا من أجل إنجاز أول خطوة شعبية في تاريخها الحديث لإعادة هيكلة القبيلة عبر إجراء أول انتخابات ديمقراطية بهدف انتخاب مجلس حكماء لكل قبيلة, يتولي إدارتها, وتسيير شئونها, وضبط أوضاعها, وإعادة الأمن إلي ربوعها, في خطوة تشجعها الجهات الرسمية, بينما يحذر حقوقيون من كون هذه المجالس غير كافية في ظل تدني المعيشة, وضعف الخدمات.أفراد قبيلة السواركة( أكبر القبائل, وتعدادها60 ألفا) اختاروا ممثليهم أمس الإثنين في انتخابات هي الأولي من نوعها بين عشائرها, وأفرعها.. بينما أجرت كل من قبائل: الفواخرية والرميلات والريشات انتخاباتها, واستقرت علي ممثليها العشرة خلال الأيام الماضية.. فيما توالي بقية القبائل في شمال سيناء( ثمان هي ـ بجانب الأربع المذكورة ـ الترابين والتياهة والأهوات والبياضية, علاوة علي عائلات وبطون كبري), تمهيدا لإجراء أول انتخابات عامة بين أفراد القبائل جميعا يوم العشرين من يناير الحالي, لاصطفاء مجلس إدارة يمثل أبناء القبائل بوسط وشمال سيناء.هذه المجالس كانت موجودة من قبل في الأثر البدوي بين القبائل, إلي أن عطلها الاحتلال الإسرائيلي لأرض سيناء يوم الخامس من يوليو1967, بحكم محاربته كل تجمع بدوي, وتشريده العناصر الوطنية, ومع عودة سيناء إلي السيادة الوطنية تعاملت السلطات مع البدو بمنطق شيخ الحارة, لا شيخ القبيلة, فاصطنعت لهم شيوخا يرفضهم الضمير القبلي, لأنهم غير نابعين عن اختيارات الأهالي.شغب بالشهر المقدس!السؤال: كيف برز التفكير في إحياء هذه المجالس؟ترجع الإجابة ـ كما يقول الحاج خلف المنيعي أحد قادة قبيلة السواركة ـ إلي يوم السادس من أكتوبر الماضي( الرابع والعشرين من رمضان), إذ كان يوما مأساويا بحق.فبعد العصر نشبت مشاجرة بين فردين من قبيلتي الترابين والفواخرية, بوسط هذه الأخيرة.. لكن الترابيني تعرض للضرب, فما كان من الترابين إلا أن جاءوا بعربات محملة بالرجال المسلحين, ثم هبطوا في ميدان الفواخرية, وبدأوا في إطلاق النار العشوائي.وعلي بعد أمتار منهم كان الفواخريون يؤدون واجب العزاء في وفاة شيخهم محمد عايش في أعقاب أداء صلاة التراويح بجامع الفواخرية, فتصدوا ـ بالحجارة ـ للمهاجمين, وأسفرت الاشتباكات عن إصابة مواطنين.. كما يقول مسئولو القبائل.هنا..سادت موجة من الغضب بين أبناء الفواخرية.. وتجمعوا بالآلاف ليلا, وصدرت ردود فعل هوجاء عن البعض منهم, وأسفرت ردة الفعل هذه عن تحطيم العديد من المحال, وحرق مقار لجهات رسمية.. ومن ثم ألقت أجهزة الأمن القبض علي عدد من مثيري الشغب بينهم, ليتم ـ لاحقا ـ عقد مجلس عرفي للمصالحة بين القبيلتين.لم تكن تلك الفتنة الأولي في العام الماضي.. بل كانت هناك حوادث يومية مفزعة: سطو علي المنازل والأراضي والممتلكات الخاصة بالمواطنين بحجة استخلاص الحقوق, دون مراعاة لعرف أو قانون.. قتل عشوائي.. انتشار سيارات لا تحمل أي لوحات.. حمل سلاح غير مرخص, وقضاء عرفي يترنح تحت وطأة سوء استغلاله.ثلاثة أطراف كانت ترقب ما يحدث من فتن يكتوي أبناء سيناء بنارها عصابات مسلحة, يصفها أشرف الحفني أمين حزب التجمع بشمال سيناء وعضو اللجنة الشعبية لحقوق الإنسان( لجنة أهلية تنشط بشمال سيناء) بأن أفرادها باتوا بشمرجة جددا.. يهددون سيناء!الطرف الثاني: الأجهزة الرسمية المصرية( مغلولة اليد بنور الحكمة) عن التدخل فيما يحدث باعتباره شأنا داخليا بين أبناء القبائل.أما الطرف الثالث: فهو أبناء سيناء أنفسهم الذين حار ذهنهم فيما يقع بينهم من صراعات.. لكنهم يعجزون عن مواجهتها.اجتماع بمنزل المنيعيعلي بعد نحو ثلاثة كيلو مترات من مقر المحافظة في قلب مدينة العريش.. اجتمع نفر يقارب عددهم العشرين من أبناء القبائل في ردهة واسعة من الدور الأرضي بمنزل كائن علي بعد أمتار من مسجد الشيخ عيد جرير( أحد كبار شيوخ السواركة في خمسينيات القرن الماضي).. التأم الاجتماع في عصر يوم من أواخر شهر نوفمبر الماضي, واستمر حتي صلاة العشاء.يقول الحاج خلف المنيعي: كنا نحاول اعتصار الذهن في كيفية الخروج من هذه الأزمة: كيف نعيد الهيبة إلي القضاء العرفي, والاحترام إلي مرجعية القبيلة, والشعور بالأمن إلي المواطنين؟في النهاية جاءت الفكرة: لابد أن يكون في كل قبيلة مجلس إدارة ينتخبه أفرادها, بحيث يكون مسئولا عن ملاحقة ومحاسبة كل من تسول له نفسه الخروج عن أعرافها, وفي الوقت نفسه يستظل هذا المجلس بمظلة الشرعية الشعبية والقانونية.وهكذا تعاقد القوم علي نشر الفكرة بين القبائل, ومن ثم عقدوا اجتماعا حاشدا في مقر نادي الهجن بالعريش يوم الإثنين24 ديسمبر الماضي, وتضاعف فيه عدد الحضور ليتجاوز المائتين وخمسين شخصا, من مختلف القبائل.. بقصد الضبط والربط والالتزام الذاتي, بمعني أن يتعامل الناس بالعرف المشرف, وقوامه الحق والعدل ووعد الشرف.. بحسب تعبير الحاج محمد عيد ملحوس( من عشيرة الدهيمات).أعقب ذلك إجراء سلسلة من الاجتماعات لاختيار مجلس كبراء لكل قبيلة عبر الانتخاب الحر بين أفرادها.. ومن هنا سبقت قبيلة الفواخرية لإجراء انتخاباتها يوم الجمعة الماضي, فأسفرت عن اختيار عشرة في مجلس إدارة القبيلة.ومعلقا علي ما حدث يقول الحاج حسان( من قبيلة الفواخرية): ما قمنا به من انتخابات هو جهد اختياري لقطع يد كل( هامل), حتي يستقر( الأمن).* ولكن كيف تجري الانتخابات؟يجيب المهندس نشأت القصاص عضو مجلس الشعب عن دائرة العريش بالقول بأن كل قبيلة تتكون من مجموعة عشائر, والعشيرة مجموعة أرباع( عائلات), والربع مجموعة خمسات( العصبة من الرجل حتي خامس جد له تسمي خمسة الدم) أي أن خمسة الدم شبيهة بالأسرة الممتدة, ويتراوح عدد أفرادها في الغالب بين خمسين ومائة فرد.ويتابع: سيرشح كل ربع مسئولا يمثله عبر انتخابات داخلية, وهؤلاء الممثلون سينتخبون من بينهم شيخا للعشيرة كلها.. ثم يجتمع المنتخبون من شيوخ العشائر لينتخبوا من بينهم مجلس إدارة القبيلة بأغلبية الأصوات.. وسيكون عدده بحسب حجم القبيلة, لكنه لن يزيد علي عشرة ممثلين.. علي أن يكون المجلس المنتخب مفوضا تفويضا عرفيا ومكتوبا( كان في الماضي شفويا فقط) للحديث باسمها, وإدارة شئونها, وتمثيلها لدي الجهات والقبائل الأخري.أولويات في المجالسمن أهداف المجالس, وأولوياتها ـ يقول الحاج ناصر سليم ـ القضاء علي الفساد الذي دب في القضاء العرفي عبر المتاجرة به, ولجوء بعض القضاة لبيع ضمائرهم والدوران مع صاحب المال, لا صاحب الحق, حيث دار.أمر آخر يشير إليه هو ضبط الأمن داخل كل قبيلة, من أجل جذب المستثمرين, وبناء حائط صد بالمحبة ضد أي تجاوز, ومشاركة القبائل فعليا في تحقيق الأمن.مجلس إدارة القبيلة فكرة مريحة أمنيا وشعبيا ومجتمعيا.. يقول فايز منونة( من عشيرة السلامين).قضاة ولجنة واعتماد* ما الآليات؟حسب المتفق عليه بين رجال القبائل; فإن مجلس القبيلة سيقوم باختيار قضاة عرفيين مشهود لهم بالنزاهة لفض المنازعات, مع فصل أي شيخ أو مسئول قبلي غير فعال.كما سيتم تشكيل لجنة مصغرة تضم ممثلين للقبائل, يعكفون علي التشاور من أجل الوصول إلي حل لجميع المشكلات العالقة.. بحسب أولوية كل قضية.. بعد حصر المشكلات الداخلية والخارجية, علما بأن رجال القبائل يتدارسون حاليا فكرة تخصيص مقر خاص لكل مجلس.لكنهم يطالبون الوزارات المعنية ـ في الوقت نفسه ـ باعتماد مجلس القبيلة رسميا, وأن تكون له صفة قانونية, وأن يستشار في جميع أموره المادية والمعنوية.. مؤكدين أنه لن تكون لهذه المجالس قيمة إذا لم تعترف الأجهزة بها, وتوثق التعاون معها, في سيناء التي لا يحتمل موقعها الجغرافي أي خطأ أو انفلات أمني.سأجلس مع المجالس* والآن.. ماذا يقول المسئولون؟يقول اللواء أحمد عبدالحميد محافظ شمال سيناء: إن الفكرة جيدة, ونحن نشجعها وندعمها, وأنا أتابع هذا الموضوع شخصيا مع القبائل.. قبيلة قبيلة.. فهناك مشكلات الاعتصامات والتهريب والسرقات.. إلخ, ومن الأهمية وجود هذه المجالس.. والمهم أن يختار أفراد كل قبيلة الشخص الذي يحبونه, ويثقون به.. ويهمنا أن تكون هذه المجالس قوية حتي تتمكن من ضبط الانفلات الحاصل.ويتابع: إنها فكرة تساعد علي تحقيق الاستقرار, وتنشيط القضاء العرفي, وتمنع وقوع القبائل في خلافات, بعضها مع بعض, كما تمنع مظاهر الخروج علي القانون خاصة في وسط سيناء.ويضيف: سوف أجلس مع مجالس القبائل المنتخبة, وهؤلاء لا يتعارض عملهم مع دور أجهزة الأمن, ولا مع المشايخ المعينين حاليا, البالغ عددهم137 شيخا, وقد رفعنا راتب كل منهم من75 جنيها إلي500 جنيه.مخاوف من التسلطفي المقابل يبدي أشرف الحفني تخوفه من تراجع دور العرف ليس بسبب عدم وجود ممثلين للقبائل, وإنما لأسباب أخري يجب دراستها, لأن القضية الحقيقية هي تراجع دور القبيلة عموما, وليس العرف فقط, بحسب تعبيره.فالشكل القبلي ـ كما يؤكد ـ يتراجع, والحل في توفير الخدمات, وتحسين حياة المواطن, لأن التفاوت الطبقي مع قلة الخدمات أدي إلي حدوث تمايز يصب في مصلحة فئة معينة.بصراحة ـ يتابع ـ التخوف أيضا هو أن يتحول هذا الشكل القبلي المستحدث إلي شكل جديد من أشكال التسلط علي المواطنين, مع أن المطلوب هو أن نحارب الخارجين علي( القانون) لا الخارجين علي( السياسة), ومقتضي ذلك الاهتمام بالأمن الجنائي, بدرجة لا تقل عن الاهتمام بالأمن السياسي.
تحقيق: عبدالرحمن سعد
تسابق قبائل سيناء(400 ألف نسمة) الزمن حاليا من أجل إنجاز أول خطوة شعبية في تاريخها الحديث لإعادة هيكلة القبيلة عبر إجراء أول انتخابات ديمقراطية بهدف انتخاب مجلس حكماء لكل قبيلة, يتولي إدارتها, وتسيير شئونها, وضبط أوضاعها, وإعادة الأمن إلي ربوعها, في خطوة تشجعها الجهات الرسمية, بينما يحذر حقوقيون من كون هذه المجالس غير كافية في ظل تدني المعيشة, وضعف الخدمات.أفراد قبيلة السواركة( أكبر القبائل, وتعدادها60 ألفا) اختاروا ممثليهم أمس الإثنين في انتخابات هي الأولي من نوعها بين عشائرها, وأفرعها.. بينما أجرت كل من قبائل: الفواخرية والرميلات والريشات انتخاباتها, واستقرت علي ممثليها العشرة خلال الأيام الماضية.. فيما توالي بقية القبائل في شمال سيناء( ثمان هي ـ بجانب الأربع المذكورة ـ الترابين والتياهة والأهوات والبياضية, علاوة علي عائلات وبطون كبري), تمهيدا لإجراء أول انتخابات عامة بين أفراد القبائل جميعا يوم العشرين من يناير الحالي, لاصطفاء مجلس إدارة يمثل أبناء القبائل بوسط وشمال سيناء.هذه المجالس كانت موجودة من قبل في الأثر البدوي بين القبائل, إلي أن عطلها الاحتلال الإسرائيلي لأرض سيناء يوم الخامس من يوليو1967, بحكم محاربته كل تجمع بدوي, وتشريده العناصر الوطنية, ومع عودة سيناء إلي السيادة الوطنية تعاملت السلطات مع البدو بمنطق شيخ الحارة, لا شيخ القبيلة, فاصطنعت لهم شيوخا يرفضهم الضمير القبلي, لأنهم غير نابعين عن اختيارات الأهالي.شغب بالشهر المقدس!السؤال: كيف برز التفكير في إحياء هذه المجالس؟ترجع الإجابة ـ كما يقول الحاج خلف المنيعي أحد قادة قبيلة السواركة ـ إلي يوم السادس من أكتوبر الماضي( الرابع والعشرين من رمضان), إذ كان يوما مأساويا بحق.فبعد العصر نشبت مشاجرة بين فردين من قبيلتي الترابين والفواخرية, بوسط هذه الأخيرة.. لكن الترابيني تعرض للضرب, فما كان من الترابين إلا أن جاءوا بعربات محملة بالرجال المسلحين, ثم هبطوا في ميدان الفواخرية, وبدأوا في إطلاق النار العشوائي.وعلي بعد أمتار منهم كان الفواخريون يؤدون واجب العزاء في وفاة شيخهم محمد عايش في أعقاب أداء صلاة التراويح بجامع الفواخرية, فتصدوا ـ بالحجارة ـ للمهاجمين, وأسفرت الاشتباكات عن إصابة مواطنين.. كما يقول مسئولو القبائل.هنا..سادت موجة من الغضب بين أبناء الفواخرية.. وتجمعوا بالآلاف ليلا, وصدرت ردود فعل هوجاء عن البعض منهم, وأسفرت ردة الفعل هذه عن تحطيم العديد من المحال, وحرق مقار لجهات رسمية.. ومن ثم ألقت أجهزة الأمن القبض علي عدد من مثيري الشغب بينهم, ليتم ـ لاحقا ـ عقد مجلس عرفي للمصالحة بين القبيلتين.لم تكن تلك الفتنة الأولي في العام الماضي.. بل كانت هناك حوادث يومية مفزعة: سطو علي المنازل والأراضي والممتلكات الخاصة بالمواطنين بحجة استخلاص الحقوق, دون مراعاة لعرف أو قانون.. قتل عشوائي.. انتشار سيارات لا تحمل أي لوحات.. حمل سلاح غير مرخص, وقضاء عرفي يترنح تحت وطأة سوء استغلاله.ثلاثة أطراف كانت ترقب ما يحدث من فتن يكتوي أبناء سيناء بنارها عصابات مسلحة, يصفها أشرف الحفني أمين حزب التجمع بشمال سيناء وعضو اللجنة الشعبية لحقوق الإنسان( لجنة أهلية تنشط بشمال سيناء) بأن أفرادها باتوا بشمرجة جددا.. يهددون سيناء!الطرف الثاني: الأجهزة الرسمية المصرية( مغلولة اليد بنور الحكمة) عن التدخل فيما يحدث باعتباره شأنا داخليا بين أبناء القبائل.أما الطرف الثالث: فهو أبناء سيناء أنفسهم الذين حار ذهنهم فيما يقع بينهم من صراعات.. لكنهم يعجزون عن مواجهتها.اجتماع بمنزل المنيعيعلي بعد نحو ثلاثة كيلو مترات من مقر المحافظة في قلب مدينة العريش.. اجتمع نفر يقارب عددهم العشرين من أبناء القبائل في ردهة واسعة من الدور الأرضي بمنزل كائن علي بعد أمتار من مسجد الشيخ عيد جرير( أحد كبار شيوخ السواركة في خمسينيات القرن الماضي).. التأم الاجتماع في عصر يوم من أواخر شهر نوفمبر الماضي, واستمر حتي صلاة العشاء.يقول الحاج خلف المنيعي: كنا نحاول اعتصار الذهن في كيفية الخروج من هذه الأزمة: كيف نعيد الهيبة إلي القضاء العرفي, والاحترام إلي مرجعية القبيلة, والشعور بالأمن إلي المواطنين؟في النهاية جاءت الفكرة: لابد أن يكون في كل قبيلة مجلس إدارة ينتخبه أفرادها, بحيث يكون مسئولا عن ملاحقة ومحاسبة كل من تسول له نفسه الخروج عن أعرافها, وفي الوقت نفسه يستظل هذا المجلس بمظلة الشرعية الشعبية والقانونية.وهكذا تعاقد القوم علي نشر الفكرة بين القبائل, ومن ثم عقدوا اجتماعا حاشدا في مقر نادي الهجن بالعريش يوم الإثنين24 ديسمبر الماضي, وتضاعف فيه عدد الحضور ليتجاوز المائتين وخمسين شخصا, من مختلف القبائل.. بقصد الضبط والربط والالتزام الذاتي, بمعني أن يتعامل الناس بالعرف المشرف, وقوامه الحق والعدل ووعد الشرف.. بحسب تعبير الحاج محمد عيد ملحوس( من عشيرة الدهيمات).أعقب ذلك إجراء سلسلة من الاجتماعات لاختيار مجلس كبراء لكل قبيلة عبر الانتخاب الحر بين أفرادها.. ومن هنا سبقت قبيلة الفواخرية لإجراء انتخاباتها يوم الجمعة الماضي, فأسفرت عن اختيار عشرة في مجلس إدارة القبيلة.ومعلقا علي ما حدث يقول الحاج حسان( من قبيلة الفواخرية): ما قمنا به من انتخابات هو جهد اختياري لقطع يد كل( هامل), حتي يستقر( الأمن).* ولكن كيف تجري الانتخابات؟يجيب المهندس نشأت القصاص عضو مجلس الشعب عن دائرة العريش بالقول بأن كل قبيلة تتكون من مجموعة عشائر, والعشيرة مجموعة أرباع( عائلات), والربع مجموعة خمسات( العصبة من الرجل حتي خامس جد له تسمي خمسة الدم) أي أن خمسة الدم شبيهة بالأسرة الممتدة, ويتراوح عدد أفرادها في الغالب بين خمسين ومائة فرد.ويتابع: سيرشح كل ربع مسئولا يمثله عبر انتخابات داخلية, وهؤلاء الممثلون سينتخبون من بينهم شيخا للعشيرة كلها.. ثم يجتمع المنتخبون من شيوخ العشائر لينتخبوا من بينهم مجلس إدارة القبيلة بأغلبية الأصوات.. وسيكون عدده بحسب حجم القبيلة, لكنه لن يزيد علي عشرة ممثلين.. علي أن يكون المجلس المنتخب مفوضا تفويضا عرفيا ومكتوبا( كان في الماضي شفويا فقط) للحديث باسمها, وإدارة شئونها, وتمثيلها لدي الجهات والقبائل الأخري.أولويات في المجالسمن أهداف المجالس, وأولوياتها ـ يقول الحاج ناصر سليم ـ القضاء علي الفساد الذي دب في القضاء العرفي عبر المتاجرة به, ولجوء بعض القضاة لبيع ضمائرهم والدوران مع صاحب المال, لا صاحب الحق, حيث دار.أمر آخر يشير إليه هو ضبط الأمن داخل كل قبيلة, من أجل جذب المستثمرين, وبناء حائط صد بالمحبة ضد أي تجاوز, ومشاركة القبائل فعليا في تحقيق الأمن.مجلس إدارة القبيلة فكرة مريحة أمنيا وشعبيا ومجتمعيا.. يقول فايز منونة( من عشيرة السلامين).قضاة ولجنة واعتماد* ما الآليات؟حسب المتفق عليه بين رجال القبائل; فإن مجلس القبيلة سيقوم باختيار قضاة عرفيين مشهود لهم بالنزاهة لفض المنازعات, مع فصل أي شيخ أو مسئول قبلي غير فعال.كما سيتم تشكيل لجنة مصغرة تضم ممثلين للقبائل, يعكفون علي التشاور من أجل الوصول إلي حل لجميع المشكلات العالقة.. بحسب أولوية كل قضية.. بعد حصر المشكلات الداخلية والخارجية, علما بأن رجال القبائل يتدارسون حاليا فكرة تخصيص مقر خاص لكل مجلس.لكنهم يطالبون الوزارات المعنية ـ في الوقت نفسه ـ باعتماد مجلس القبيلة رسميا, وأن تكون له صفة قانونية, وأن يستشار في جميع أموره المادية والمعنوية.. مؤكدين أنه لن تكون لهذه المجالس قيمة إذا لم تعترف الأجهزة بها, وتوثق التعاون معها, في سيناء التي لا يحتمل موقعها الجغرافي أي خطأ أو انفلات أمني.سأجلس مع المجالس* والآن.. ماذا يقول المسئولون؟يقول اللواء أحمد عبدالحميد محافظ شمال سيناء: إن الفكرة جيدة, ونحن نشجعها وندعمها, وأنا أتابع هذا الموضوع شخصيا مع القبائل.. قبيلة قبيلة.. فهناك مشكلات الاعتصامات والتهريب والسرقات.. إلخ, ومن الأهمية وجود هذه المجالس.. والمهم أن يختار أفراد كل قبيلة الشخص الذي يحبونه, ويثقون به.. ويهمنا أن تكون هذه المجالس قوية حتي تتمكن من ضبط الانفلات الحاصل.ويتابع: إنها فكرة تساعد علي تحقيق الاستقرار, وتنشيط القضاء العرفي, وتمنع وقوع القبائل في خلافات, بعضها مع بعض, كما تمنع مظاهر الخروج علي القانون خاصة في وسط سيناء.ويضيف: سوف أجلس مع مجالس القبائل المنتخبة, وهؤلاء لا يتعارض عملهم مع دور أجهزة الأمن, ولا مع المشايخ المعينين حاليا, البالغ عددهم137 شيخا, وقد رفعنا راتب كل منهم من75 جنيها إلي500 جنيه.مخاوف من التسلطفي المقابل يبدي أشرف الحفني تخوفه من تراجع دور العرف ليس بسبب عدم وجود ممثلين للقبائل, وإنما لأسباب أخري يجب دراستها, لأن القضية الحقيقية هي تراجع دور القبيلة عموما, وليس العرف فقط, بحسب تعبيره.فالشكل القبلي ـ كما يؤكد ـ يتراجع, والحل في توفير الخدمات, وتحسين حياة المواطن, لأن التفاوت الطبقي مع قلة الخدمات أدي إلي حدوث تمايز يصب في مصلحة فئة معينة.بصراحة ـ يتابع ـ التخوف أيضا هو أن يتحول هذا الشكل القبلي المستحدث إلي شكل جديد من أشكال التسلط علي المواطنين, مع أن المطلوب هو أن نحارب الخارجين علي( القانون) لا الخارجين علي( السياسة), ومقتضي ذلك الاهتمام بالأمن الجنائي, بدرجة لا تقل عن الاهتمام بالأمن السياسي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق